30 سبتمبر 2016

الوحدة الأولى - المصادر الحرة العام الدراسي1437 / 1438

بسم الله الرحمن الرحيم


آمل طباعتها و حلها ووضعها في ملف المادة


25 سبتمبر 2016

الوطن و الوطنية


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء و المرسلين نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فقد وقع الناس في طرفي نقيض في حب أوطانهم ، فالبعض يرى أن حب الوطن من أركان الإيمان وغلى فيه حتى أخرج من الإسلام من لم يحب وطنه كما يريد هو .

والبعض الآخر، رأى أن حب الوطن شركٌ ووثنية . وبين هذا وذاك يأتي أهل الإنصاف وأهل العقل ،  الذين ينظرون بنور الإيمان وينهلون من الوحيين ولا يحيدون عنهما : كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم .

فيقال باختصار أنّ الحبَّ لا يكون إلا للوطن المسلم ولاءً ومحبة .

والوطن هو منزل إقامة الإنسان ومقره ، سواء ولد به أو لم يولد ، وهو مكان الإنسان ومحله.
 والوطنية: صفة، وهي: العاطفة التي تُعبِّر عن ولاء المرء لبلده، والمقصود هنا أن يكون ولاء المرء المسلم لبلده من أجل كلمة التوحيد الظاهرة ، وشرائع الدين المطبقة .

بمعنى: أن الوطنية؛ هي: قيام الفرد المسلم بحقوق وطنه المشروعة في الإسلام .

وحب الوطن غريزة متأصلة في النفوس، تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه، ويحن إليه إذا غاب عنه، ويدافع عنه إذا هُوجم، ويغضب له إذا انتُقص .

وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في حق مكة عند هجرته منها: (ما أطيبك من بلدة وأحبك إلي ولولا أن قومك أخرجوني ما سكنت غيرك).

وحيث أن حب الوطن غريزة في الإنسان، فقد دعا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ربه بأن يرزقه حب المدينة لما انتقل إليها.

فقد أخرج الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ( اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد).

وحب الوطن يجعل الإنسان يدفع عنه العدو إذا هاجمه أو أخرجه العدو منه، والله سبحانه يحكي عن المؤمنين فيقول الله تعالى:
(قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا) البقرة246

ومما قيل في حب الأوطان :
بلادي و إن جارت عليّ عزيزةٌ       وأهلي و إن ضنّوا عليَّ كرامُ

ومما جاء عن السلف وحنينهم إلى أوطانهم، ما أخرجه أبو نعيم في "الحلية"، أن إبراهيم بن أدهم قال: "ما قاسيت فيما تركت شيئا أشد علي من مفارقة الأوطان".

وجاءت أشعار السلف في التعبير عن حبهم لأوطانهم، وشغفهم وحنينهم إليها تترا، فهذا أبو بكر العلاف أنشد يقول :
كما تُؤلف الأرض التي لم يكن بها    هواء ولا ماء سوى أنها وطن

فـ "حب الوطن" أمر مشروع بالأدلة من الكتاب والسنة والآثار عن السلف الصالح .

فإذا تقرر هذا ، فما العمل الواجب على المسلمين أن يقوموا به تجاه هذه الدولة المباركة ـ المملكة العربية السعودية ـ التي تختص بخصائص ومزايا تفوق باقي البلدان ؟

فهذه الدولة بها قبلة المسلمين ، ومسجد سيد ولد آدم أجمعين ، وبها المشاعر المقدسة ، إضافة إلى أنها الدولة الوحيدة التي خلَت من الأضرحة والمشاهد والمزارات، وهي الوحيدة التي تطبق شرع الله في جميع أمورها وأحوالها ، فلله الحمد والمنة الذي ميّزها على سائر البلدان تميُّزًا لا يخفى إلا على العميان.

ولهذه الدولة المباركة مواقف مشرّفة تجاه قضايا المسلمين ، فهي ملاذهم بعد الله تعالى ، ولها أيادٍ بيضاء على جميع المسلمين في الداخل والخارج .

فمن واجبنا تجاه هذا الدولة المباركة ، محبتها ، والاعتراف بفضلها ومكانتها و الثناء عليها ، فمن لايشكر الناس لا يشكر الله ، ولا يعرف الفضل إلا ذوو الفضل .

كما يجب علينا الدعاء لها بالعزّ و التمكين ، وأن يردّ الله كيد أعدائها في نحورهم و أن يجعلنا خير من يدافع عنها بعلمنا و أقلامنا و أرواحنا .


المرجع  بتصرّف: